فيتراكفي عقار جديد يستأصل السرطان من جذوره ، ما مدى صحة ذلك؟
هل انتهى زمن السرطان ؟ أنباء ومزاعم تم تداولها بكثرة على الإعلام العالمي خلال الأيام الماضية بشأن عقار “فيتراك في” الجديد والذي يستأصل السرطان من جذوره ، فهل هذه المزاعم حقيقية؟
هذا العقار الثوري ،الذي وافقت عليه إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية المعروفة بـ (FDA) نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2018)، و المعروف بـ “فيتراكفي” (Vitrakvi)، يستهدف أساسي الطفرات الوراثية للأورام السرطانية بغض النظر عن نوع المرض أو مكان نشوئه.
زمرة و آلية تأثير دوائية جديدة
الأدوية القديمة التقليدية تستهدف الموقع التشريحي للإصابة بالسرطان، أما هذا الدواء الجديد فيستهدف الطفرات الجينية المسؤولة عنه.
بهذا الصدد قال مدير عام مركز الحسين للسرطان في الأردن الدكتور عاصم منصور في تصريحات لموقع الجزيرة دوت نت إن عقار فيتراك في واسمه العلمي “larotrectinib” ينتمي إلى عائلة جديدة من الأدوية المضادة للسرطان، وهي الأدوية الموجهة إلى الطفرات الجينية المسببة للسرطان عوضا عن أساليب العلاج التقليدية التي عادة ما تستهدف عملية انقسام الخلايا السرطانية أو تقوم بقطع التغذية عنها، أو تثبيط بعض الأنزيمات، إلى غير ذلك من أساليب عمل أدوية السرطان التقليدية المختلفة.
وأضاف الدكتور منصور “نحن نعلم أن السرطان ينتج عن الانقسام غير من منضبط الخلايا تنتج عن طفرات جينية معظمها مكتسبة بسبب بعض عوامل الخطورة مثل التدخين والأشعة والفيروسات وغيرها، أما الطفرات الموروثة المسؤولة عما بين 5 و20%”.
وتسبب هذه الطفرات إنتاج بروتينات غير طبيعية أو تمنع إنتاج البروتينات الطبيعية المسؤولة عن منع حدوث انقسامات عشوائية في الخلية فتبدأ هذه الأخيرة بالانقسام غير المنضبط وبالتالي تكوين أورام سرطانية.
وأضاف الدكتور أنه لذلك كان الدواء الجديد ليستهدف هذه الطفرات الجينية بدل استهداف الموقع التشريحي للإصابة بالسرطان، فإذا ما كنا نصنف أنواع السرطان المختلفة وبالتالي نعالجها حسب العضو المصاب مثل سرطان القولون أو سرطان الثدي أو غيرها فإن الاتجاه الجديد في العلاج سيكون حسب نوع الطفرة المسببة للسرطان بغض النظر عن الموقع التشريحي للورم.
و بشأن ما إذا كان دواء فيتراكفي يعالج جميع حالات السرطان قال الدكتور إنه حسب الدراسة التي اعتمد هذا الدواء بناء على نتائجها فإنه حصلت هنالك استجابة جزئية دام مفعولها لمدة ستة أشهر على الأقل عند ثلاثة أرباع المرضى، في حين استمر هذا المفعول لمدة سنة عند نحو 39% من هؤلاء.
سيأتي العقار بداية بتكلفة باهظة
وبشأن تكلفة فيتراكفي، قال الدكتور منصور إنه يتوقع أن تصل تكلفة العلاج السنوية للبالغين ما يقارب 390 ألف دولار، أما بالنسبة للأطفال فنحو 132 ألف دولار.
وختم مدير عام مركز الحسين للسرطان “أخيرا، أرجو أن نضع الأمور في نصابها عند تعاملنا مع اختراعات الأدوية الجديدة، وألا نبالغ بالتفاؤل، فلا يوجد إلى وقتنا الحالي دواء سحري لعلاج السرطان وإنما هي لبنات في بناء كبير تكمل بعضها بعضا.دعونا ننظر للمستقبل بأمل لكنه الأمل المستند إلى الحقائق والواقع بعيدا عن تهويلات التسويق”.
رأي الدكتور باسل الأتاسي اختصاصي الأورام في شيكاغو
قال الأتاسي ي إن فيتراك فهو دواء فموي يعمل بطريقة الأدوية الموجهة ضد طفرات جينية معينة “Targeted Therapy”، وهذا الدواء يعمل ضد طفرة اسمها “NTRK”.
وأضاف الأتاسي أن هذا الدواء يقوم بالارتباط بهذه الطفرة المميزة للخلايا السرطانية ويثبط عملها ومن خلال هذا تتوقف الخلايا السرطانية عن النمو وبالتالي يضمحل تكاثرها ويتضاءل عملها وفاعليتها، ويترجم هذا بتحسن الورم السرطاني فيقل الحجم وتتحسن الأعراض وتطول مدة البقاء على قيد الحياة.
وأكد الأتاسي أن ما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية من أن “عقار فيتراكفي هو علاج جذري للسرطان، وهو يعالج كل أنواعه” هو كلام غير دقيق وفيه مغالطات علمية وطبية، ودائما نشر هكذا معلومات بشكل اعتباطي ومن غير التأكد من مختصين يضر بالناس أكثر من أن ينفعهم ويعلقهم وأسرهم بأوهام مغلوطة.
وأضاف الأتاسي -وهو يحمل البورد الأميركي في الأمراض الباطنية إضافة إلى اختصاصَيْ الدم والأورام- أنه من الجدير بالذكر أن هذا الدواء والأنواع المماثلة للأدوية والمستخدمة في مراحل السرطان المتقدمة (المرحلة الرابعة) هي عادة علاجات لا تشفي المرض كاملا ولكن تؤخر تطور المرض وتزيد مدة البقاء على قيد الحياة.
المصدر: موقع الجزيرة دوت نيت