ماذا نفعل في رمضان ، و كيف نستغل هذا الشهر للنهوض بالذات و تحقيق النجاح
شهر رمضان ، شهر الفضائل و الخيرات ، نتسابق به للطاعات وحشد الطاقات و رفع الهمة و نبتعد عن اقتراف الذنوب وارتكاب المنكرات. فكيف نجعل من هذا الشهر نبراسا ننير به دربنا و ماتبقى من عمرنا لنحقق تغييرا جوهريا يدفعنا الى النجاح و التفوق والمثابرة؟ علينا بداية معرفة فضائل هذا الشهر و مميزاته كي نستغله أحسن استغلال و نستقبله خير استقبال .
رمضان شهر نزول القرآن
رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، هذا الكتاب الذي وضع به الله عز وجل منهاجنا و طريقنا الذي يميز المسلم و يجعله متفوقا بجسمه و روحه و أخلاقه و علمه و عمله ، فتدبر هذه الآيات و العمل بها و بناء الفرد بمقتضاها هو الخلاص لنا و لأمتنا في هذا الزمان الصعب و هو الخلاص لك من كل هموم الحياة و مشاكلها و دفعك نحو النهوض و التقدم . فيجب علينا الإكثار من تلاوة القرآن وتفهمه وتدبره ومدارسته ولنبدأ بهذا الشهر الفضيل البداية الصحيحة .
كما يمكن أن تقرأ كثيرا من الكتب المؤجلة التي لم تكن تجد وقتا لقراءتها فيما سبق، أو حتى تقرأ كتبا جديدة في مجال اهتماماتك أو لها علاقة بالتطوير الذاتي لمهاراتك بعد أن أصبحت الكتب من هذا النوع كثيرة ومتاحة لكل من يريد أن يستزيد ويطور من قدراته وإمكانياته الشخصية والعملية.
أما التلفزيون ، فيفترض أن يكون آخر ما تهتم به لأن التافه فيه خلال شهر رمضان أكثر من الجاد والمفيد بسبب تزاحم المنتجين من كل البلدان العربية على اقتطاع كعكة من أوقات الناس المتاحة خلال الشهر. وبإمكانك بعد رمضان، حيث تعاد كل المسلسلات والبرامج، أن تتخير ما يناسبك بعيدا عن السباقات المعهودة مع الريموت كنترول.
تعويد النفس على الصبر و القيم و ضبط النفس
يجب استغلال الشهر لتعويد النفس على الفضائل وإبعادها عن الرذائل، و التدرب على الصبر، فالصيام يجمع أنواع الصبر الثلاثة، صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على ألم الجوع والعطش.
وهو شهر التدريب على الانضباط وحفظ اللسان والجوارح عما يغضب الله تعالى، فهو سبحانه لا يعذبنا بالصيام أو القيام، بل يعوّدنا إذا أمسكنا عن الحلال في نهار رمضان؛ فيجب علينا أن نمسك في المساء ودائماً عن المحرمات، ونحفظ ألسنتنا وجوارحنا عما يغضبه سبحانه، وفي الحديث: “ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر” .
لذلك فإن أول ما يفترض أن تفعله في رمضان أن تشتغل على تهذيب نفسك وأخلاقك لكي تكون إنسانا حقيقيا يراعي حقوق الآخرين ويحترمها ولا يعتدي عليها بأي صورة من الصور. ومن ذلك أن يكف البعض ألسنتهم عن اتهام الآخرين بالباطل في أفكارهم أو سلوكهم أو تصرفاتهم، إذ ليس من المعقول أن تكون صائما عن أكلك وشربك وشهواتك بينما ألفاظك المسيئة تصول وتجول في وسائل التواصل الاجتماعي تلتقط زلات الآخرين وتتصيد هفواتهم.
شهر الجود والكرم و تقوية الروح الاجتماعية للفرد و الأمة
في رمضان يشعر المسلم بارتباط شديد بإخوانه المسلمين، ويتحقق فيه الشعور بالجسد الواحد، فالكل يمسكون معاً ويفطرون معاً ويصلون معاً، ويبذلون النصح والمعروف، ويتعاونون على البرّ والتقوى. و هذا الشعور العظيم هو ما يولد لديك ذلك الدافع القوي للتغيير، فمهما كان طموحك الشخصي كبيرا فحدوده ضيقة و لن تشعر بتلك السعادة بالوصول اليها، أما أن يكون طموحك لخير و صلاح الجماعة و تقدم الأمة و البلد فهنا تكون اللذة بطعم الفوز .
كما يجب الإكثار من الصدقات ، “فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان”، وقال صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصدقة في رمضان”.
من أفضل الأعمال في رمضان أيضا تبادل الزيارات بين الأحبّاء والأرحام و السؤال عن أحوالهم , وما يتخلل ذلك من المحبّة والمودّة و السعادة ، لا تتردد أيضا عن التواصل أو زيارة كبار السن من أهلك، فالكبار يشتاقون لأبنائهم وبناتهم وتسعدهم جدا الكلمات والقبلات الحارة الطيبة.
شهر العلم و العمل و تعلم الإتقان
إنجازات المسلمين التي حققها أجدادنا الأوائل في رمضان كثيرة ولا تحصى ، فمن معركة بدر و عين جالوت و عمورية الى فتح مكة إلى أعظم حلقات التدارس الفكرية بالمساجد و التي أنتجت أعظم الكتب العلمية و الفقهية فماذا حققنا نحن غير باب الحارة و موائد الطعام و الشراب ؟
فهو ليس شهر الكسل أو إجازة و إهمال للعمل كما يفعل الكثير للأسف فمادمت في عملك يجب أن تراعي الله في أداء وظيفتك لأن ما هو مطلوب منك في غير رمضان مطلوب منك في رمضان ولا دخل للآخرين المرتبطين بوظيفتك بصيامك و جوعك وعطشك ومزاجك.
فلنستفد من رمضان وليكن بداية تغيير حقيقي في حياتك على كل المستويات و نختم بدعائه صلى الله عليه و سلم : ” اللهم اهِّله علينا بالأمن والأمان , والسلامة والإسلام , والعافية الدائمه ورفع الأسقام , والعون على الصيام والصلاة وقراءة القرآن . اللهم سلمنا لرمضان وسلمه لنا وسلمه منّا , حتى يخرج رمضان وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنّا “.