رعب يجتاح العالم من فيروس جدري القرود والصحة العالمية تعقد اجتماعا طارئا
بعيدًا عن وسط وغرب أفريقيا، أعلنت حتى الآن تسع دول أخرى غير بريطانيا عن ظهور إصابات بمرض جدري القرود.
حيث أعلنت وزارة الصحة الفرنسية اكتشاف أول حالة يشتبه في إصابتها بفيروس جدري القرود على الأراضي الفرنسية في منطقة باريس/إيل دو فرانس، الجمعة، فيما رصدت أستراليا حالة عدوى محتملة بجدري القرود لمسافر عائد من أوروبا، بينما أعلنت كندا تأكيد حالتي إصابة، وسط مؤشرات على انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم.
ويسبب فيروس جدري القرود أعراض الحمى و طفحا جلديا بشكل مميز، حيث تبرز حبوب على الجلد. وعادة ما يكون خفيفا، لكن هناك سلالتين رئيسيتين له إحداهما سلالة الكونغو، وهي الأشد خطورة بنسبة وفيات تصل إلى 10 بالمئة، وسلالة غرب إفريقيا بمعدل وفيات حوالي 1 بالمئة من حالات الإصابة.
وقالت السلطات الأسترالية، إنها رصدت حالة عدوى محتملة بمرض جدري القرود وهي لمسافر عاد مؤخرا من أوروبا، وإن فحوصات تجرى حاليا للتأكيد.
وذكرت إدارة الصحة بولاية نيو ساوث ويلز أن رجلا في الأربعينيات من عمره مرض بعد عدة أيام من وصوله إلى سيدني وظهرت عليه أعراض متوافقة سريريا مع جدري القرود. وأضافت في بيان أن الرجل وأحد المخالطين من أقاربه يخضعون للعزل في المنزل.
ومن جهتها، أعلنت كندا تسجيل أوّل حالتَي إصابة بمرض جدري القردة لدى البشر. وقالت وكالة الصحة العامة الكندية في بيان “أُبلِغت مقاطعة كيبيك بالنتيجة الإيجابية لفحص جدري القردة لعيّنتَين تلقّاهما المختبر الوطني للأحياء الدقيقة. هاتان أوّل حالتَين مؤكّدتَين في كندا”.
وأشارت السلطات الكندية إلى أنّ حالات أخرى مشتبها بها قيد الدرس في مدينة مونتريال الناطقة بالفرنسية. وتحدّثت الإدارة الإقليمية للصحة العامة في مونتريال عن وجود 17 حالة مشتبه بها.
كما أكد وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد ظهور إحدى عشرة حالة أخرى من الإصابة بجدري القرود في المملكة المتحدة.
ويأتي ظهور هذه الحالات الجديدة بعد تأكيد السلطات في بريطانيا وقوع تسع إصابات جدري القرود.
وقال جاويد إن “معظم الإصابات” خفيفة. وقد أبلغ الوزير البريطاني نظراءه في دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى بتفشّي الفيروس.
ونوّه جاويد إلى أن المملكة المتحدة كانت تخزن لقاحات جدري القرود من أجل التحصن ضد الإصابة بالمرض.
وقال الوزير البريطاني: “يمكنني أن أؤكد أننا أنتجنا مزيدا من الجرعات”.
وتعقد منظمة الصحة العالمية اجتماعا طارئا مع خبراء لبحث انتشار الفيروس.
ولا يوجد لقاح محدد لفيروس جدري القرود، لكن جرعةً من لقاح الجدري العادي توفر قدرا جيدا من الوقاية نظرًا لقُرب الشبه بين الفيروسَين.
ويندر ظهور إصابات بجدري القرود خارج وسط وغرب أفريقيا، لكن ما حدث مؤخرا أن حالات إصابة بالمرض جعلت تظهر في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا.
ولم يُكشف عن كمية اللقاحات التي جلبتها السلطات في المملكة المتحدة، ولا الطريقة التي ستُعطى بها الجرعات.
وتفيد تقارير بأن السلطات في إسبانيا تستعد لاستخدام آلاف الجرعات من لقاح الجدري العادي في علاج جدري القرود.
وحتى من دون لقاح، تشفى معظم حالات الإصابة من تلقاء نفسها في غضون أسابيع قليلة من الإصابة. على أن هناك بعض الإصابات قد تتردى حالاتها.
وأمس الخميس (20 مايو 2022) أبلغ مسؤولو الصحة في إسبانيا عن 7 حالات إصابة بجدري القرود، ورفع البرتغال عدد الحالات المؤكدة إلى 14 حالة يوم الخميس مع انتشار المرض في أوروبا، بعد أن كان مقتصرا على إفريقيا.
وقال مسؤولون إن جميع الحالات المبلغ عنها في إسبانيا حتى الآن تتعلق برجال في مدريد. وكشف أنطونيو ثاباتيرو من إدارة الصحة الإقليمية إن مسؤولي الصحة يختبرون حاليًا 22 حالة أخرى مشتبه بها.
وصرح ثاباتيرو لشبكة الإذاعة الإسبانية، أوندا سيرو، بأنه “من المحتمل ظهور المزيد من الحالات في الأيام المقبلة”.
وأفاد المسؤولون إن جميع الحالات التي تم تحديدها حتى الآن كانت خفيفة وإن الإصابات تبدو مرتبطة بالاتصال الوثيق بين سلسلتي إنتقال.
لم يتم تقديم أي تفاصيل حول ما إذا كان الرجال قد سافروا إلى إفريقيا أو ما إذا كانت الحالات مرتبطة بحالات أخرى تم الإبلاغ عنها في جميع أنحاء أوروبا.
وذكرت السلطات البرتغالية الخميس أن الحالات الـ 14 المؤكدة في البلاد تم الإبلاغ عنها كلها في المنطقة المحيطة بالعاصمة لشبونة.
في غضون ذلك، ارتفع عدد الحالات المؤكدة في بريطانيا إلى تسعة. وقالت وكالة الأمن الصحي البريطانية يوم الأربعاء إن الحالات الأخيرة التي تم الإبلاغ عنها هذا الأسبوع شوهدت “في الغالب في مثليين وثنائيي الجنس أو الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال”، على الرغم من أنها أشارت إلى أنه من غير الواضح كيف أصيب الناس بالعدوى.
وفي روما، قالت مستشفى لازارو سبالانزاني يوم الخميس إنها تأكدت من حالة إصابة واحدة بفيروس جدري القرود لدى مريض سافر مؤخرًا إلى جزر الكناري الإسبانية. كما أبلغت وكالة الصحة العامة السويدية عن حالة واحدة يوم الخميس، قائلة إنه لا يزال من غير الواضح كيف أصيب المريض.
ولم يتم توثيق انتشار جدري القرود من قبل عن طريق الجنس، لكن يمكن أن ينتقل من خلال الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين أو ملابسهم أو ملاءات الأسرة.
وأبلغت ولاية ماساتشوستس الأميركية يوم الأربعاء عن حالة إصابة واحدة بـ جدري القرود لرجل سافر مؤخرًا إلى كندا، مما دفع المسؤولين إلى التحقيق في صلات محتملة بتفشي المرض في أوروبا.
وجدري القرود فيروس نادر شبيه بالجدري البشري، على الرغم من كونه أخف. وتم رصده لأول مرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في السبعينيات. وزادت الحالات في غرب أفريقيا في العقد الماضي.
وتشمل الأعراض الحمى والصداع والطفح الجلدي الذي يبدأ على الوجه وينتشر إلى باقي أجزاء الجسم.
مرض جدري القرود:
كان فيروس جدري القرود قد ظهر للمرة الأولى بين البشر عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حين أصيب به طفل يبلغ من العمر 9 سنوات، في منطقة اختفى منه الجدري عام 1968.
واعتبر خبراء آخرون أن انتشار هذا الوباء في أوروبا قد يشير إلى طفرات جديدة أصبحت قادرة على الانتشار خارج البيئات الاستوائية الماطرة.
وقالت المنظمة إنه “مرض فيروسي نادر و حيواني المنشأ (يُنقل فيروس من الحيوان إلى الإنسان) وتشبه أعراضه تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابين بالجدري، ولكنها أقل شدّة”.
وأوضحت المنظمة أن العدوى تنتقل بشكل أساسي من “المخالطة المباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدوى أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية”.
ويمكن للعدوى أن تحدث أيضا جراء تناول اللحوم غير المطهية جيدا من الحيوانات المصابة بعدوى المرض، وفقا لدليل المنظمة
أما عن الانتقال من إنسان إلى آخر، فإن هذا الفيروس ينتقل عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير.
كما ينتقل بعد العلاقات الحميمة بسبب مخالطة إفرازات السبيل التنفسي للشخص المصاب، أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
وأوضحت المنظمة أنه لا توجد حتى الآن أي بيانات تثبت أن هذا الفيروس قادر على الاستحكام بين البشر بمجرد انتقاله من شخص إلى آخر.
و لفت دليل منظمة الصحة إلى أن “معدل الإماتة بشكل عام لا تتجاوز 10% في الحالات الموثقة التي تحدث معظمها فيما بين الأطفال. وعموما فإن الفئات الأصغر سنا هي أكثر حساسية على ما يبدو الإصابة بجدري القردة”.
تتراوح فترة حضانة جدري القردة (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) بين 6 أيام و16 يوماً، لكنها قد تتراوح بين 5 أيام و21 يوما، وفقا لدليل المنظمة.
وينقسم الدليل مرحلة العدوى إلى فترتين: فترة الغزو (من صفر إلى 5 أيام)، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
أما الفترة الثانية فتتمثل بظهور الطفح الجلدي (في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى) ويبدأ الطفح بالظهور على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وبحسب المنظمة “يكون وقع الطفح أشدّ على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمص القدمين (75%). ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية (آفات ذات قواعد مسطّحة) إلى حويصلات (نفطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماما”. ولفت الدليل إلى عدم وجود “أدوية أو لقاحات مُحددة متاحة.